الأربعاء، 17 يونيو 2020

مراحل عودة الحياة وأنت ونحن ؟ بقلم د. نادية الخالدي


س سؤال : مم يتكون المجتمع ؟
ج جواب : مجموعة من الأفراد. 
س سؤال : ما المرض النفسي للمجتمعات ؟ 
ج جواب : هو الذي يصيب فردًا فينتشر للبقية.
حوار عادي جدا في السرد ، غير عادي في الفهم 

فما بين جملة ( الله يستر ) إلى (محد بيموت قبل يومه) هنا نحن نمارس الاعتمادية ونبرئ أنفسنا من المسؤولية الفردية . فوسائل الدفاع النفسية تبرر بأي وسيلة لتخرج هي بريئة من الموقف. 
عزيزي الفرد ، إن مسؤوليتك تجاه نفسك هي حمايتها ووقايتها والحفاظ على صحتها. 
هي ذاتها مسؤوليتك كفرد في المجتمع أن تحمي الناس من العدوى من خلال أخذ احتياطاتك اللازمة لتقيك أولًا ، وتقيهم ثانيا .
ومع المراحل التدريجية لعودة الحياة ، عد أنت بشكل مختلف مع نفسك ، أعرف جيدا أنه من الصعب أن لا نحضن ، ولا نقترب ، ولا نتزاور .
لكنك لست وحدك في العالم من يعيش هذا الشعور ، كل العالم يشعر به معك ، وهذا باب من الصحة النفسية مريح جدا وهو : (لست وحدي) 
لذلك انتبه لنفسك باجراءات الوقاية من أجلك أولا ، ومن أجلنا نحن جميعا ، والتزم بالحياة التي لم تعتد عليها ، فجميعنا نشاركك الشعور ، ونشاركك الهم ، 
وفكر بأنك في مرحلة وقتية ، سيزول كل ما نحن به وينتهي الأمر .
كل ما نحتاجه وقت فقط ! وقت ولكن الوقت الذي نحتاجه وقت ثمين ، هذا الوقت لا بد أن نعرف كيف سنعيشه ونستثمره ونستمتع به ، لأنه وقت تاريخي ، استثماره والالتزام به يخرجنا من الوباء متفوقين عليه 
فتسعد البيوت 
ونحضن المحبين 
ونتواصل مع المقربين 
ونصفق لأنفسنا وللجميع 
لحين ذاك اليوم الذي سنبارك به بعبارة 
(كل عام ونحن بخير ، وصحتنا وبيوتنا وأحبابنا بأفضل الأحوال )
كن مسؤولا لنفرح معاً جميعا

‏Twitter &instgram :@drnadiaalkhaldi

لماذا لم تنتحر بعد ؟ د. نادية الخالدي


اليوم طويل جدا ، لا أعرف ماذا أفعل  في يومي ، لماذا أعيش هذا اليوم أصلا ؟ لا فائدة مني في الحياة ، ظروفي ، عملي ، أحبابي ، لا مكان لي لشيء منهم أين أنا ؟!
هذه الاستفهامات تأتيني يوميا كاستشارات فردية أو في مجموعات الإرشاد الجمعي ، تنتهي هذه التعبيرات الإسقاطية  إلى جملة : (أريد الانتحار لا أطيق حياتي !)
كلما سمعت هذه الكلمة استحضرت منهجية  
الطبيب النفسي فيكتور  فرانكل المتخصص بالعلاج بالمعنى وهو شكل من أشكال العلاجات  النفسية الوجودية في مسأله الانتحار ، فقد كان يسأل كل من يأتيه العيادة لماذا لم تنتحر بعد ؟ أنت تريد الموت لماذا تعيش إلى الآن ؟ 
سؤال وجيه ودقيق وصادم ، يكشف لنا أن الانتحار هروب وليس رغبة ، وإسقاط وليس حقيقة ، وعلاج بدواء لا علاقة له بالداء.
 لماذا لم ينتحروا بعد رغم كل معاناتهم ؟ 
إن عملية الانتحار هي أجرأ عملية يؤديها إنسان متألم جدا ، لا يريد الانتحار بالعمق لكنه يريد قتل الشعور العميق فيه ، ذاك الشعور الذي يستيقظ معه ، ويأكل معه ، ويفكر معه ، ويراوده بين الحين والآخر بصورة مزعجة ومربكة ومؤذية جدا .
ذلك الشعور  دخل جسده ضعيفا جدا ، وصغيرا جدا جدا إلا أنه كبر مع الإهمال ، وجمع قواه من التراكمات. 
لذلك عزيزي الإنسان المدمر المحبط الضائع أيا كان موقعك النفسي وشعورك الداخلي ، أنت تحب نفسك ، لذلك لا تربط حب النفس بإخفاق أو إحباط أو فشل أو خسارة أو علاقات لا حياة فيها ، بل هي على قيد الموت ، لا تنتقم من جسدك وروحك لأنك لم تعرف كيف تديرهما ، ولا تستهن بمشاعرك الصغيرة ، كفقد معنى بسيط للحياة ، فإياك أن تتساهل بفقدك للذة النوم أو لذة الطعام أو لذة الاستيقاظ في الصباح ، ففقدان اللذة والأخرى تفقدك نفسك ، حتى تظن أنك مفقود كلك ، فتقرر إنهاء الحياة لأنك قررت الموت .
كل الذين انتحروا لم يرغبوا بالانتحار ، لكنهم رغبوا بنحر شعور مخيف مزعج في الحياة ، صوره عقلهم لهم أنه الحياة بأكملها .
لذلك كان يسأل فرانكن لماذا لم تنتحر بعد ؟ لأننا جميعنا مدفوعون بالحياة اذا وجدنا معنى لكل يوم فيها !
‏Twitter &instgram :@drnadiaalkhaldi

الفائز المهزوم د. نادية الخالدي


هل سمعت عن فائز بهزيمة ؟
ذاك الشخص الذي ينتصر انتصارا بلا قيمة 
تقتله هزيمته من قبل ومن بعد 
 إنه الشخص المليء قلبه بالكره والحقد ، الذي يخزن أحزانه الماضية والمواقف التي انكسر قلبه بها  ، فيكرس حياته ووقته ولحظاته في التخطيط للثأر ، وإرجاع كرامته  المسلوبة
 الكاره لا يكره الناس ، بل يكره نفسه فيخاف من انعكاس الناس ، ومرآة شعوره التي يراها بهم فيكرهم 
الكاره يعاني من شعوره ، من أحزانه ، ومن كل شيء
سألتني ابنتي يوما : أمي ، ما القيمة المهمة لأعيش حياة سعيدة ؟
أجبتها : لا تكرهي ولو كان الموقف مليئا بالكره !
لا تكرهي لو كان معك كل الحق !
لا تكرهي وإن كان الكره خيارك الوحيد ! 
ليس من أجلهم ، بل من أجل جمال قلبك ، وراحة مشاعرك ، ومن أجل أعصابك وعضلاتك وعملياتك الحيوية التي تتأثر بالكره وتتعرقل إنتاجيتها مع الوقت ، من أجل من طرق باب مشاعرك فآذاها فسمحتي له بالقضاء عليك مرتين : مرة بفتح بابك ، والثانية بإبقائه في عقلك وقلبك بعد مغادرته عنك 
انتبهي من الكره سواء كان هزيمة لك ، أو كان انتصارا بأن أخذت حقك منه ، فهو في الحقيقة هزيمة شعورية. 
 الذي يكرهه قد ينتصر وينتقم  ويثأر ولكن ينتصر بعد ان يفقد نفسه ويقدم مشاعره قرباناً  للحقد 
التسامح صفة نبيلة هدفها : هم لم يقصدوا ما فعلوا ، فهم لم ينضجوا بعد . لا تكن فائزا مهزوما !
‏Twitter &instgram :@drnadiaalkhaldi

الاثنين، 25 مايو 2020

كيف حال قلبك ؟! بقلم ؛ د. نادية الخالدي

كيف حال قلبك ؟!
بقلم ؛ د. نادية الخالدي 
 
 كيف حالك ؟ سؤال يسألك عن حالك الآن الذي قد يختلف بعد لحظة أو قبل لحظة أو يكون كما هو الآن ، حالك الذي هو لحظة شعورك اللحظي لا شعورك المتراكم داخلك الذي يظهر بحال وينعدم بكثير من الأحوال . 
 أما السؤال الذي دائما أقف عنده وتتوقف عنده طلاقتي في الرد كان يشبه السؤال الأول بالصيغة لكنه مختلف بالعمق ، ولم أُسأل به من قبل ولعلي أتصور أن الغالبية لم يُسألوا به بعد :
كيف حال قلبك ؟ 
هل هو محشو بالخوف ، ومتراكم الألم عليه ، أم محشو بالأمل ، راغبًا منه العودة إليه ؟ هل هو حزين أم مرتاح ، أو مكسور أم مجبور ؟ هل هو محتاج أم مكتفٍ ؟ 
كيف هو قلبك ؟ 
هل يؤلمك ؟ هل يوجعك ؟ هل يحييك أم يتعبك ويشقيك ؟
  كيف هو ؟ 
هل تعرف حاله ؟ 
إن أصعب الإجابات الشعورية تلك الإجابات التي لم نسمع ردودها من الآخرين لنحفظها ، وجديدة على مشاعرها لنفهمها، هذه الإجابات هي الأصدق ، لأنها عفوية ، لم نفكر بها من قبل ، ولم يستعد العقل لإجابتها بعد .
 يبقى الاستفهام المهم الآن ما فائدة معرفة حال قلبي ؟
حال قلبك هو نشرة نفسية عن ما شعرت ، وما لم تدر من مشاعر وما ستشعر بالمستقبل ، حال قلبك مسؤول عن صحتك النفسية وصحتك البدنية وتلك العقلية ، حال قلبك مسؤول عن انفعالاتك وردات فعلك المنطقية وغير المنطقية ، حال قلبك المسؤول عن من تصادف ومن تعكس في حياتك من بشر ومواقف وظروف ، حال قلبك يدير حياتك دون أن تشعر !
 لذلك اسأل قلبك كيف حاله ؟
أعلن تقبلك للحال واستعدادك لتغييره إن كان سلبيا ، أو دعمه وتقويته اذا كان إيجابيا .
في حال كان سلبيا : ماذا أحتاج لإصلاح هذا الحال ؟ 
نفذ خطه الإصلاح الآن !
وتأكد أن حال قلبك هو من يكون مشاعرك ، ومشاعرك هي من تكون سلوكك ، وسلوكك هو من ينتج عنه عالمك وواقعك ، إصلاحهم بين يديك بسؤال يومي بسيط تسأله نفسك :
كيف حال قلبي ؟ 


‏Twitter &instgram :@drnadiaalkhaldi

الأحد، 17 مايو 2020

عيد لن ينعاد عليك د. نادية الخالدي

عيد لن ينعاد عليك 
د. نادية الخالدي 
منذ بداية هذه الأزمة ونحن في عملية تغير مستمر ، تغير بدأ من وعينا وسلوكنا وردات فعلنا وانتهي بتغيرنا بالكامل. البعض منا حصد مناعة نفسية والبعض الآخر وقع بفخ الاضطرابات النفسية ، ولأن عملية التغيير عملية خفية بطيئة الحركة وعميقة التأثير ، ستتعرف بها بشخص جديد  منك ، قد لم تتوقع أنه أنت في يوم من الأيام . انها التجارب هي من تخرج كل مرة منا شخصا جديدا، ولأن كورونا تجربة استثنائية مباغتة جعلتنا لأول مرة في تاريخ البشرية نشترك في كل العالم على شعور واحد وهدف واحد ورغبة واحدة وعدو واحد رغم تعدد الآليات وتنوع الإجراءات الا أنها جمعتنا واجتمعت بنا وجعلتنا نتعرف على الحياة من منطلق آخر . 
ولا شك أن أجمل تجارب الحياة تلك التجارب الاستثنائية المفاجئة وغير المتوقعة . أنا لا أتكلم عن التجربة وأنت داخلها بل أتكلم عن التجربة بعد أن تنتهي ، الآن عزيزي القاريء : اربط حزام الأمان وأرجع الكرسي للخلف وحلق معي ليوم عيد الفطر المبارك ٢٠٢٠ ، تجربة فريدة ، عيد غريب الأطوار ، مختلف النمط ، ومجهول الصيغة 
فنحن لن نجرأ على قول عساكم من عواده فغالبيتنا ان لم يكن جميعنا لا نريد أن نعيد هذه التجربة بالأصل بل سنقول عسى العيد القادم عيدا سعيدا يجمعنا مع بعض، كما أن افكارنا وسلوكياتنا ستصنع عالم من السلبية غير الواعية 

المستاء : لايوجد عيد 
المتذمر : لن نستمتع بالعيد 
المتضايق : لن نحتفل بالعيد 
من قرر كل هذه القرارات وأصدر الأحكام السلبية سواك أنت ؟!
العيد هذه السنة سيكون مختلفا ، العيادي تحويلات بنكية للأطفال ، فيفرح الطفل بتم الإيداع ، والجمعات إلكترونية صوتا وصورة بيننا ، أما تجهيزات العيد فهي استثناء من نوع آخر .
 جهز بصورة مبتكرة ومختلفة تكون لك ذكرى لن تنسى للأبد ، وزع الكمامات بعبارات مضحكة على أفراد عائلتك ، أعد تدوير ملابس كتغيير موديل الفستان أو شكل القميص ليكون شيئا جديدا ، اعمل مسابقة أجمل زي كوروني بالمنزل ويكون زيا يحتوي على الاحتياطات المطلوبة ، واعمل مسابقة أكثر زي مضحك كوروني بالعيد ، أسعد عيدك بأطباق يصنعها كل فرد بالعائلة  
ليتشارك الجميع بتقديم السعادة لبعضهم ، قدموا عيادي على شكل كلمات محفزة تعبر عن حبكم لبعضكم،   قدم تهنئة اجتماعية مبنية على التباعد بينك وبين عائلتك ، خصص سينما منزلية في ثاني العيد تدعو لها أفراد عائلتك ، خصص مسابقة من سيربح جائزة مالية بين عائلتك في اليوم الثالث 
اكتب تجربتك ووثقها وشاركها مع الآخرين 
وتذكر أن هذا العيد لن ينعاد مرة أخرى 
عشه ، تمتع فيه ، وكون خبرة جميلة فيه 

Twitter &instgram :@drnadiaalkhaldi

.

الأحد، 10 مايو 2020

كم ساعتك الآن ؟ د. نادية الخالدي

       في مكان ما ، حيث أحب أن أكون فيه وحدي ، كانت تشغلني نظرية التفاوت بين الرغبة والفكرة ، من هو المؤثر؟ والمتأثر ؟ وما هو الدخيل بينهما ؟ ولأن العرض الأولي للنظريات هو فرضيات قابلة للقياس والتقويم ، قمت بالمراقبة التصويرية ككاميرا التقاط عشوائية لجميع الشرائح حولي ،  هذا لا يلتزم بالوقت وذاك يؤجل وعند منعطف الخذلان يقف ذاك يبكي أمسه. وفي صفوف المستقبل هذا قلق من غده، وتحت مظلة المراقبة  وجدت  هذه الكلمات البسيطة المترجمة للسان واقع نعيشه الذي يقول : (يطمح الجميع لحياة أفضل ، أحوال جيدة، درجات علمية عالية ، وظائف مرموقة ، أي السعي وراء طموح من نوع آخر، أطلق عليه : الطموح المجاني) . وهو نوع من الطموح  جديد  من نوعه  كسلان جداً، لا يبذل جهدا حركيا ولا وقتيا ، كل جهوده صور ذهنية تسكن الذاكرة ، باطلة المعنى الحقيقي لتكوين وجودها على أرض الواقع  ، لذا الباطل بالباطل يساوي صفرا ، والصفر قيمة مطلقة إلى اللاقيمة ، حتى يضاف له تعريف قيمي كالعدد واحد ليكون قيمة القيمة للأرقام ، أي المؤثر (الكسل) ،المتأثر (الإنسان ) ، الدخيل ، الخوف والقلق المخزن بالذاكرة والجاذب للمزيد منه (مقاومة الذاكرة) وهكذا تُفسر إسقاطات المتعثرين الذين يوقتون ساعات الفشل على الطموح المجاني ، فيكون وقتهم لحظة الماضي المتعثرة به ، ونصف حاضر منشغل بما حدث ، ولأن عقارب ساعتهم مقلوبة ترجعهم للوراء ، عادوا هم معها فصاروا ماضيا كرغباتهم وذكرياتهم . لذلك لا يتقدم من هو بتلك المواصفات السابقة فهو يسير للخلف بينما قانون الحياة وجهته أمامية. لذلك وحدهم الطموحون ، الساعون لطموحهم ، الذي يبذلون الجهود العظيمة لساعاتهم الزمنية دقائقهم محفزة  تشجيعية ، انتكاساتهم اعترافات شجاعة بأخطائهم وعثراتهم لمواجهة قانون المقاومة النفسي الذي إما يدفعك للخلف أو ينقلك للأمام ، ولو أخذت عينة زمنية لأحدهم، لأوجه له سؤالا نفسيا  لنفسه : كم ساعتك الآن؟ لوجدنا إجابات درامية ، إسقاطية ، حزينة ليهربوا من المسؤولية النفسية تجاه الذات ، سيجيبون بعض من هذه الإجابات : (ساعتي الآن طموح عال إلا خذلان حقيقي ، أو ساعتي الآن قلق إلا التحرر من الإيجابية) والكثير والكثير. لذا يا صاحب الطموح ، يا صانع الحضارة ، يا شاب المستقبل الجنة ليست بالمجان ، تحتاج صلاة وعبادة وعطاء وإنسانية، فما بالك بالأرض التذكرة المؤدية لها؟ كرس وقتك لطموحك، اجتهد لتحقيقه ، كافح ، واستمر لتصل أو تصل وستصل ، وتذكر أن ساعتك الآن : أنت ورغبتك والكثير من عطائك
Twitter &instgram: @drnadiaalkhaldi

الأحد، 3 مايو 2020

ملل وبناتها الأربعة بقلم د. نادية الخالدي

ملل وبناتها الأربعة 
بقلم د. نادية الخالدي 
 بإمكاني التصور أنك شاهدت أفلاما حد الضجر ، وتابعت حسابات حد الاكتفاء ، استخدمت المعقمات حد الهوس ، وجربت كل الألعاب حد فقدان المتعة ، وبالطبع أكلت وأكلت حد التخمة . 
أهنئك عزيزي القاريء لأنك أنت الآن تشعر بالملل  
تقلب القنوات، وتنام بالساعات ، وتحتار في أي كنبة تضيع بها ساعاتك المتبقية في تقليب الهاتف أو التفكير بالمستقبل أو الحسرة على الحاضر .
إنها الملل 
تلك العجوز المزعجة التي تطلب منك على الدوام التوقف ، قف مكانك ، لا شيء مجدٍ ولا نتيجة ممتعة ومسلية. 
هي عجوز ذكية جدا تستخدم كل سلالتها لإعاقة حياتك، 
تارة تشعر بالضجر،  وتارة أخرى يزورك الطفش ، وبعد ساعات تشعر بالعجز ، وآخر اليوم ضيقة الصدر . 
وبين التنقل بينها وبين بناتها ستفقد نفسك أكثر حتى تتلاشى من كونك تعرف نفسك ، ناهيك عن شعورك المستمر والمتكرر الذي يزرعه بناتها فيك أنك بلا معنى ولا جدوى ولا وجود في الحياة . 
لا تقلق عزيزي القاريء لست وحدك ، الكثير يشاركونك هذه المشاعر بنسب متفاوتة ، ولكن لا أحد من كل من يشاركك يعرف أن للملل فوائد كثيرة !
فلولاها لما تعلمت أن التكرار مزعج ، والروتين يحتاج تطورا باستمرار ، ولولاها لما تعلمت أن اللحظات التي لا تعمل فيها شيء هي لحظات مهمة للانغماس بذاتك وتأمل حياتك أو حتى مراقبتها . ولأن الملل زائرة طويلة المكوث كان لابد أن تكرمها لتكرمك بالبعد عنك .
كيف ذلك ؟ 
دلل بناتها بالسماح لهن بأن يظهروا كشعور تشعر به ليختفي :  
"طفشان بنام  
ضايق خلقي ماني متحرك 
جيب لي كوب الماء عجزان"
كم شخص الآن يشعر أو شعر بهذا الشعور  أنا وأنت  وغيرنا الكثير . لا تخف ، طبيعي جدا هذا الأمر ، لا تقاومه بل عشه ، لا تملأ يومك بالكامل بل توقف في محطات ، كف عن وضع لافتات أنا مشغول على الدوام . الملل ساعة بعقارب بطيئة تخفف من سرعتك وتخبرك أنك تحتاج أن تغير تفاصيلك الصغيرة قبل الكبيرة،  كفرشة أسنانك أو غسول وجهك أو مكان أثاثك ونوع الكتب التي تقرأها ونوع المسلسلات والأفلام التي تشاهدها ، وكذلك الوقت الذي تقضيه بالعمل وعدد مرات فترات الراحة .
فالحياة ليست رحلة إنجاز فحسب ، بل هي رحلة استمتاع ورحلة راحة ، حتى عمل اللاشيء فيه شيء ،  
لذلك لا تخف هذه العجوز (الملل) بل استقبلها
أكرم وجودها 
احذر مقاومتها 
ودلل بناتها 
ثم ودعهن بحب ، آملًا لهن عودة أخرى ليعيدوا لك ترتيب حياتك من جديد.

Twitter &instgram: @drnadiaalkhaldi

مقالات أميرة القمر (د.نادية الخالدي )

اللي ما يطول العنب حامض عنه يقول https://www.alraimedia.com/article/1612121

مثل معروف... في مجتمعنا يرمز إلى الشيء الذي لا تصل له، تخرج العيوب فيه وهذا المثل يرجع لقصة كتبها الشاعر اليوناني اسوب، الذي كتب عن ا...