الاثنين، 1 يوليو 2019

نُجري الرياح كما تشتهي سفينتنا!
للكاتب: د.نادية الخالدي 

    منذ كنت صغيرة وأنا تزعجني هذه الابيات التي درسناها في المدارسة: «ما كل ما يتمنى المرء يدركه/ تجري الرياح بما لا تشتهي السفن»... المتنبي.

فهي خانقة تملك في مفرداتها قيودا نفسية تفوق تلك الفكرية، التي تسكن المفردات ذاتها، ناهيكم عن الهدف الرائع فيها كسجع لغوي وتناغم حروفي وقوة بلاغية وخانقة في الوقت نفسه، كتوجيه نفسي وحياتي وتربوي.

انه تفسير لظاهرة العزو النفسية التي تنص على تحويل الاحداث الفاشلة لاشياء أخرى بعيدة عن ذواتنا، فنصدق أننا ليس لنا دخل فيها رغما عنا وعلى مضض منا.

يأتي السؤال الآن لماذا تجري الرياح بما لاتشتهي السفن؟

ولو اجبنا عن السؤال السابق على صعيد الفكر الفلسفي وهو الصعيد الأفضل في النقاش الفكري، أي صعيد آخر، نجد أن الكثير من التساؤلات سندخل بها وهي:

لماذا هذا الصراع بين الرياح والسفن؟

لماذا نتعلم ثقافة الصراع ولا نتعلم ثقافة السلام؟

لماذا نبني أمور حياتنا على غزو الفشل ولا نغرس في افكارنا قوة النجاح؟

لماذا نتعلم أن التعب هو الأصل في جني كل أمور حياتنا؟

والكثير من «ماذا»... تجيبها إجابة واحدة أننا نفكر تفكير القطيع، أي مع قانون الكل غير آبه بذواتنا وبمصدر قوتنا، بنا نحن.

فيصبح قانونا يضعه أي واحد منا نقبل به جميعنا فما بالكم في بيت شعر!

المضحك المبكي الساخر هنا، أننا نظن اننا نعرف طرق حياتنا وحقيقة الامر اننا نعرف اننا نسير خلف الجميع والجميع يسير خلف الجميع ولاطرق توصلنا إليها ولا نوايا حققناها ولا أهداف رأيناها، كل ذلك لأننا نؤمن بالفشل ولا نؤمن بالنجاح، نؤمن بالضعف ولا نؤمن بالقوة، نؤمن بالسحر ولا نؤمن بالمعجزات، نؤمن بكل الأمور السلبية الصعبة المحبطة، ولا نؤمن بالايجابية وقواها العظمى.

ولو وقفنا لحظة مع أنفسنا وتمعنا في القضية ذاتها لماذا تجري الرياح بما لا تشتهي السفن؟

من يحرك السفينة؟

من يصممها؟

من يديرها؟

من يعرف كيف يضع الخطط البديلة؟

من يعرف تقدير ظواهر المد والجزر في حياتنا؟

من... ومن... ومن؟

أليس نحن؟

أليس نحن من علينا الإعداد الجيد للاستعداد للنجاح، أليس من واجبنا ان نعرف ان كل الطرق لها تحويلات والمصب واحد وهو هدفنا الذي لوكنا مؤمنين به لآمنا «أننا إما أن نحققه أو نحققه»، لا مجال لحل ثالث ولا مجال لتغيير آخر لا مجال لأي شيء عداه.

لذلك عزيزي الانسان أنت الوحيد الذي تعرف ماذا تريد؟ وأنت الوحيد الذي تعرف هدفك الذي يجعلك سعيدا؟ وانت الوحيد تعرف كيف تحقق ماتريد؟

إياك ان تقع في فخ تجري الرياح بما لا تشتتهي السفن… بل آمن بهذه الابيات المتنافية مع البيت السابق...لانها هي الحقيقة

تجري الرياح كما تجري سفينتنا

نحن الرياح ونحن البحر والسفن ُ

إن الذي يرتجي شيئاً بهمّتهِ

يلقاهُ لو حاربَتْهُ الانسُ والجن

ُّفاقصد إلى قمم الاشياءِ تدركها

تجري الرياح كما رادت لها السفن.

ليست هناك تعليقات:

مقالات أميرة القمر (د.نادية الخالدي )

اللي ما يطول العنب حامض عنه يقول https://www.alraimedia.com/article/1612121

مثل معروف... في مجتمعنا يرمز إلى الشيء الذي لا تصل له، تخرج العيوب فيه وهذا المثل يرجع لقصة كتبها الشاعر اليوناني اسوب، الذي كتب عن ا...