الاثنين، 29 يونيو 2020

حوادث نفسية د. نادية الخالدي


 مع تزايد حالات الوفاة الشعورية والوصول لحالة اللامبالاة الانفعالية ، ناهيكم عن لحظات الصمت المتزايدة ، واللجوء للكبت الاضطراري ، أصبح لابد أن نناقش قضايا الحوادث النفسية المسببة للنتيجة الأولى والمسؤولة عن الثانية والتي صنعت الحادثة الثالثة والتي أدت إلى القرار الرابع .
 (إن العلاقات النفسية جانب عميق في حياتنا) ، كلام مكرر معروف مللنا سماعه ، لكن مالا نعرفه عن العلاقات في حياتنا أنها كقيادة السيارة ، تحتاج مسافة كافية كي لا نصطدم ببعض ، أي نحتاج حدودا نفسية دقيقة  نعرف بها الحد الذي نقف فيه في العلاقة ، والذي لابد أن نقف فيه ، والذي يجب علينا أن لا نتعداه . 
فمثلا : أنا أقدر  من يحترم خصوصية غيره ، لا يتطفل عليها ، ولا يتجاوز حده النفسي فيها ، ذاك الشخص يؤمن أن لكل إنسان مساحته الخاصة ، لا يسأل عن ما لم نقوله ، ولا يستفسر عن ما نود إخفاءه ، لا يتطفل ولا يدس أنفه فيما لا يعنيه ، يعرف أن العلاقة بين البشر تحتاج مسافة كافية وحدودا واضحة للاستمرار ، حتى لا نصاب بحادث شعوري نفقد به مشاعرنا ، أو قد تموت ردات فعلنا بالكامل ، فلا موقف سعيد يجعلنا نفرح ، ولا حزين يحرك مشاعرنا !
 هذا الحد لا يشمل البعيد وينسى القريب ، بل يبدأ بعلاقتك مع نفسك ، هناك حد لدلال الذات ، وحد للرغبة ، وحد للشهوة . وكذلك علاقتك مع عائلتك وأخوتك وأبنائك وشريكك وصديقك وزميلك وشخص لا تعرفه ، كل علاقة لها حد لا يجوز تجاوزه مهما بلغت من قرب أو مهما كانت بعيدة .
وتذكر أن البشرية الصحيحة نفسيا هي تلك التي تحمل شعارات احترام الذات من احترام الآخر. 
دون ذلك فوضى نفسية وحوادث لا نهاية لها. 
اعرف حدودك عزيزي القاريء !
‏Twitter &instgram :@drnadiaalkhaldi

الثلاثاء، 23 يونيو 2020

هذا رأيي حتى هذا اليوم ! د. نادية الخالدي



 لأننا بشر ، ولأن عملية تطور الفكر عملية متغيرة لا ثبات لها إلا عند الذين أخذوا نهجا كتب لهم ليعشوه هم ، فأنا في كل نقاشاتي وحواراتي وتطلعاتي أقول : (هذا هو رأيي حتى هذا اليوم !) 
قد يتغير عن الأمس بشكل جذري ، فتتهمني بالتناقض ، وتتجاهل أن الوعي تغيير ، وقد يتغير في المستقبل ، فتتهمني اتهاما آخرا بأنني أقرأ المستقبل !
وبين كل تلك التغيرات نتجاهل جميعنا أن التغير في الفكر أمر طبيعي لكل قاريء ، لكل مطلع ، لكل باحث ، لكل عالم ، ولكنه خارج عن المألوف لذاك العالق بين منهجية أجداده في الأمس ، وفقدانه لذاته اليوم .
لذلك لا تعش على رأي تغير عندك في الداخل ، ولا تخجل في أخذ نهج لم تكن تنادي به في السابق ، أو أخذ قرار لا يمت بصلة لما أنت عليه في الواقع . 
جلست ذات ليلة مع فتاة درست ٣ تخصصات مهمة وهي : الحقوق والصيدلة والإدارة ، فسألتها ٣ بكالوريوس لماذا ؟ 
فقالت : لان أمي وجدتني صيدلانية ولم أحب الصيدلانية فيني 
وأبي كان يطمح لمحامية ولم أجد المحامية فيني 
أما أنا فأحببت الإدارة ، ووظفت الصيدلانية والمحامية في مسيرة حياتي .
كنت منبهرة بقوة شخصيتها التي جعلتها تحاول مرات عديدة لتجد نفسها ، متجاهلة عبارات التنمر ، لم تجد نفسها ومازلت تدرس ، وبعيدة عن منهجية : (هذا هو الأمر الواقع علي التعايش معه !) 
لذلك عزيزي القاريء 
تغير ، فالتغيير مطلق ، والعالم ممتع بالتجارب ، وإن كانت تجارب مليئة بالفشل فقد كانت في حد ذاتها مليئة بالتحدي والشغف ، وانتهت بخبرة لن تتعلمها سوى عندما تصطدم بها في الواقع ، وقد تعلمنا من كتاب الله أن الإنسان لا يثبت على حاله ، فإما أن يتقدم بطاعة الله ، أو يتأخر عن طريق معصيته " لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر "
وتذكر جيدا : 
رأيك اليوم لا يعني أنه رأيك بالأمس ، ولا يحدد رأيك في الغد أو يجبرك عليه . 
لذلك لكي تخرج من هذا القالب : جرب في كل حوار ونقاش وكلام أن تقول : (هذا رأيي حتى اليوم !)

‏Twitter &instgram :@drnadiaalkhaldi

الأربعاء، 17 يونيو 2020

مراحل عودة الحياة وأنت ونحن ؟ بقلم د. نادية الخالدي


س سؤال : مم يتكون المجتمع ؟
ج جواب : مجموعة من الأفراد. 
س سؤال : ما المرض النفسي للمجتمعات ؟ 
ج جواب : هو الذي يصيب فردًا فينتشر للبقية.
حوار عادي جدا في السرد ، غير عادي في الفهم 

فما بين جملة ( الله يستر ) إلى (محد بيموت قبل يومه) هنا نحن نمارس الاعتمادية ونبرئ أنفسنا من المسؤولية الفردية . فوسائل الدفاع النفسية تبرر بأي وسيلة لتخرج هي بريئة من الموقف. 
عزيزي الفرد ، إن مسؤوليتك تجاه نفسك هي حمايتها ووقايتها والحفاظ على صحتها. 
هي ذاتها مسؤوليتك كفرد في المجتمع أن تحمي الناس من العدوى من خلال أخذ احتياطاتك اللازمة لتقيك أولًا ، وتقيهم ثانيا .
ومع المراحل التدريجية لعودة الحياة ، عد أنت بشكل مختلف مع نفسك ، أعرف جيدا أنه من الصعب أن لا نحضن ، ولا نقترب ، ولا نتزاور .
لكنك لست وحدك في العالم من يعيش هذا الشعور ، كل العالم يشعر به معك ، وهذا باب من الصحة النفسية مريح جدا وهو : (لست وحدي) 
لذلك انتبه لنفسك باجراءات الوقاية من أجلك أولا ، ومن أجلنا نحن جميعا ، والتزم بالحياة التي لم تعتد عليها ، فجميعنا نشاركك الشعور ، ونشاركك الهم ، 
وفكر بأنك في مرحلة وقتية ، سيزول كل ما نحن به وينتهي الأمر .
كل ما نحتاجه وقت فقط ! وقت ولكن الوقت الذي نحتاجه وقت ثمين ، هذا الوقت لا بد أن نعرف كيف سنعيشه ونستثمره ونستمتع به ، لأنه وقت تاريخي ، استثماره والالتزام به يخرجنا من الوباء متفوقين عليه 
فتسعد البيوت 
ونحضن المحبين 
ونتواصل مع المقربين 
ونصفق لأنفسنا وللجميع 
لحين ذاك اليوم الذي سنبارك به بعبارة 
(كل عام ونحن بخير ، وصحتنا وبيوتنا وأحبابنا بأفضل الأحوال )
كن مسؤولا لنفرح معاً جميعا

‏Twitter &instgram :@drnadiaalkhaldi

لماذا لم تنتحر بعد ؟ د. نادية الخالدي


اليوم طويل جدا ، لا أعرف ماذا أفعل  في يومي ، لماذا أعيش هذا اليوم أصلا ؟ لا فائدة مني في الحياة ، ظروفي ، عملي ، أحبابي ، لا مكان لي لشيء منهم أين أنا ؟!
هذه الاستفهامات تأتيني يوميا كاستشارات فردية أو في مجموعات الإرشاد الجمعي ، تنتهي هذه التعبيرات الإسقاطية  إلى جملة : (أريد الانتحار لا أطيق حياتي !)
كلما سمعت هذه الكلمة استحضرت منهجية  
الطبيب النفسي فيكتور  فرانكل المتخصص بالعلاج بالمعنى وهو شكل من أشكال العلاجات  النفسية الوجودية في مسأله الانتحار ، فقد كان يسأل كل من يأتيه العيادة لماذا لم تنتحر بعد ؟ أنت تريد الموت لماذا تعيش إلى الآن ؟ 
سؤال وجيه ودقيق وصادم ، يكشف لنا أن الانتحار هروب وليس رغبة ، وإسقاط وليس حقيقة ، وعلاج بدواء لا علاقة له بالداء.
 لماذا لم ينتحروا بعد رغم كل معاناتهم ؟ 
إن عملية الانتحار هي أجرأ عملية يؤديها إنسان متألم جدا ، لا يريد الانتحار بالعمق لكنه يريد قتل الشعور العميق فيه ، ذاك الشعور الذي يستيقظ معه ، ويأكل معه ، ويفكر معه ، ويراوده بين الحين والآخر بصورة مزعجة ومربكة ومؤذية جدا .
ذلك الشعور  دخل جسده ضعيفا جدا ، وصغيرا جدا جدا إلا أنه كبر مع الإهمال ، وجمع قواه من التراكمات. 
لذلك عزيزي الإنسان المدمر المحبط الضائع أيا كان موقعك النفسي وشعورك الداخلي ، أنت تحب نفسك ، لذلك لا تربط حب النفس بإخفاق أو إحباط أو فشل أو خسارة أو علاقات لا حياة فيها ، بل هي على قيد الموت ، لا تنتقم من جسدك وروحك لأنك لم تعرف كيف تديرهما ، ولا تستهن بمشاعرك الصغيرة ، كفقد معنى بسيط للحياة ، فإياك أن تتساهل بفقدك للذة النوم أو لذة الطعام أو لذة الاستيقاظ في الصباح ، ففقدان اللذة والأخرى تفقدك نفسك ، حتى تظن أنك مفقود كلك ، فتقرر إنهاء الحياة لأنك قررت الموت .
كل الذين انتحروا لم يرغبوا بالانتحار ، لكنهم رغبوا بنحر شعور مخيف مزعج في الحياة ، صوره عقلهم لهم أنه الحياة بأكملها .
لذلك كان يسأل فرانكن لماذا لم تنتحر بعد ؟ لأننا جميعنا مدفوعون بالحياة اذا وجدنا معنى لكل يوم فيها !
‏Twitter &instgram :@drnadiaalkhaldi

الفائز المهزوم د. نادية الخالدي


هل سمعت عن فائز بهزيمة ؟
ذاك الشخص الذي ينتصر انتصارا بلا قيمة 
تقتله هزيمته من قبل ومن بعد 
 إنه الشخص المليء قلبه بالكره والحقد ، الذي يخزن أحزانه الماضية والمواقف التي انكسر قلبه بها  ، فيكرس حياته ووقته ولحظاته في التخطيط للثأر ، وإرجاع كرامته  المسلوبة
 الكاره لا يكره الناس ، بل يكره نفسه فيخاف من انعكاس الناس ، ومرآة شعوره التي يراها بهم فيكرهم 
الكاره يعاني من شعوره ، من أحزانه ، ومن كل شيء
سألتني ابنتي يوما : أمي ، ما القيمة المهمة لأعيش حياة سعيدة ؟
أجبتها : لا تكرهي ولو كان الموقف مليئا بالكره !
لا تكرهي لو كان معك كل الحق !
لا تكرهي وإن كان الكره خيارك الوحيد ! 
ليس من أجلهم ، بل من أجل جمال قلبك ، وراحة مشاعرك ، ومن أجل أعصابك وعضلاتك وعملياتك الحيوية التي تتأثر بالكره وتتعرقل إنتاجيتها مع الوقت ، من أجل من طرق باب مشاعرك فآذاها فسمحتي له بالقضاء عليك مرتين : مرة بفتح بابك ، والثانية بإبقائه في عقلك وقلبك بعد مغادرته عنك 
انتبهي من الكره سواء كان هزيمة لك ، أو كان انتصارا بأن أخذت حقك منه ، فهو في الحقيقة هزيمة شعورية. 
 الذي يكرهه قد ينتصر وينتقم  ويثأر ولكن ينتصر بعد ان يفقد نفسه ويقدم مشاعره قرباناً  للحقد 
التسامح صفة نبيلة هدفها : هم لم يقصدوا ما فعلوا ، فهم لم ينضجوا بعد . لا تكن فائزا مهزوما !
‏Twitter &instgram :@drnadiaalkhaldi

مقالات أميرة القمر (د.نادية الخالدي )

اللي ما يطول العنب حامض عنه يقول https://www.alraimedia.com/article/1612121

مثل معروف... في مجتمعنا يرمز إلى الشيء الذي لا تصل له، تخرج العيوب فيه وهذا المثل يرجع لقصة كتبها الشاعر اليوناني اسوب، الذي كتب عن ا...